جرت العادة على اختيار أقصر الطرق وأقربها للوصول إلى الأهداف المبتغاه ولكن دلت التجارب ودروس التاريخ أن الأهداف النبيلة الضخمة قد تحتاج إلى أكثر الطرق طولا وأشدها معاناة ومشقة.
عندما تختلط من حولنا الأمور، ويسود مسيرتنا الغموض والابهام، وتتعدد أمامنا الطرق والمسالك نجد أنفسنا تلقائيا متجهين بالوجدان والعقل إلى تلك القوة العليا التي نظمت هذا الكون مستلهمين الطريق.
فإذا وجدنا الطريق فاننا في حاجة إلى من يلهمنا الصدق والشجاعة والصبر حتى نتحمل أعباءها ومسئولياتها وما فيها من أخطار ومزالق ومطبات.
والاتجاه إلى السماء في استلهام الطريق، والاستعانة بها على مجابهة مسئولياتها وصعابها ليس ضعفا أو سذاجة كما قد يظن البعض، بل هو في الواقع الاتجاه الصحيح الذي يستمد أصوله ومرتكزاته من القوة الكامنة في أعماق الإنسان.
ذلك أن الجذور الأساسية لهذا المخلوق البشري الذي تطور مع الكون في أحقاب بعد أحقاب هي النتيجة الحتمية لصراعه مع الحياة منذ فجر الحياة مرتبطا بذلك المعنى السامي، الحق المطلق والخير المطلق والعدل المطلق والجمال المطلق، رب هذا الكون ومهندسه الأعظم.
وربما كان للظروف الاقليمية والمناخية والطبيعية في العصر الجليدي الأخير وما بعده دور كبير في تجدير هذه المعاني وتأكيدها لدى الحضارات القديمة في شمال شبه الجزيرة العربية المدونة بحضارات بين النهرين النيل والفرات. فليس من قبيل الصدف أن تنبثق الرسالات السماوية في ربوع هذه المنطقة وتسود حولها العقائد الروحية وتزدهر في أطرافها الفلسفات الاغريقية والفارسية والهندية والصينية التي مهدت للعقل انطلاقته المبدعة الخلاقة.
وبناء عليه وحتى لا تخطئ المسيرة اتجاهها فقد استلهمت الخطوط الرئيسية لهذا الطريق من الجذور التاريخية لهذه الأمة وصولا لإرادتها الحقيقية الكامنة في أعماقها وكانت الأسئلة الثلاثة التالية والإجابة عنها هو ما توصل إليه اجتهادنا الصادق المخلص لشعبنا وأمتنا وللإنسانية جمعاء.
١) ماذا نريد ؟
٢) كيف نحقق ما نريد ؟
٣) المراحل التي يستطيع هذا الجيل تحقيقها مما نريد ؟