Abdalla Sharafeddin

1926 - 2018

عبد الله شرف الدين

١٩٢٦ - ٢٠١٨

السيرة الذاتية: مغامرات مخلوق من (أيها الناس)

نبذة عن الكتاب

في كثير من الأحيان يتردد الإنسان في اتخاذ خطوة ما ، هل هذه الخطوة تستحق الذكر والإقدام عليها ، أو من الأوفق تركها ونسيانها ؟؟؟ وهذا هو الذي حصل لكاتب هذه المغامرات ، والسؤال الذي كان يلح عليه ، هل هذه المغامرات جديرة بالتدوين ؟؟ وهل يمكن الاستفادة من هذه التجارب ؟؟ ألا يمكن أن يكون تقدير صاحبنا لهذه التجارب والمغامرات وتقييمها من حيث الجودة أو التفاهة هو غير تقدير وتقييم القارئ لها ؟؟ أليس من الممكن أن يرى بعض القراء في صاحب هذه المغامرات نوعا من الغرور أو الادعاء أو حتى الإسفاف وبالتالي فان لم يكن محل ازدراء فربما كان محل إشفاق ، الأمر الذي لا يرتضيه أي إنسان لنفسه؟؟ لقد فكر صاحبنا ألا يذكر اسمه في هذه المغامرات أو الإشارة إليه ، باعتبار أن هذه المغامرات هي ، على أي حال ، تجارب أي مخلوق في فترة معينة من التاريخ ، ويمكن الاستفادة منها لمن أراد الاستفادة، ولا يهم ذكر من قام بها أو زاولها ، ولكن الحوادث والملابسات والوقائع ستسفر عن وجهه حتما شاء ذلك أم أبى ، الأمر الذي يجعل مثل هذه المحاولة مصيرها الفشل ، علاوة على ما يحيطها من مظاهر التواضع الذي مهما حسنت النية ، سوف يكون محل شك عند المتشككين.

والذي كان يقلق صاحبنا بصفة بالغة هو أن له أقارب متعددين في عائلة واسعة ، وهؤلاء الناس يتكوّنون من أنماط مختلفة ، ففيهم المتعلم الواسع الأفق وفيهم قليل التجارب ضيّق الأفق، كما فيهم المتشدّد الذي يرى كل حركة أو بادرة تبدر من البشر هي محل شك وقد يتهمها بان فيها مساسا بالدين والأخلاق ، وفيهم متفتح الذهن يتفهّم جوهر الدين وقواعد الأخلاق الصحيحة مما ينتمون إلى الوسطية وروح التسامح ، وهؤلاء وهؤلاء جميعا سيتأثرون سلبا أو إيجابا ، بما كتب في هذه المغامرات باعتبار أن صاحبها قد تعرض للعديد من الحوادث والمشاكل في رحلة الحياة ، وقد عالجها وخرج منها حسب تقديره واجتهاده ، وهذا الاجتهاد مهما كان صادقا ومخلصا فان الآراء ستختلف بشأنه حتما ، فما يراه بعض الناس خيرا وصلاحا ، قد يراه البعض الآخر تهورا وفسادا، وهنا تكمن الإساءة غير المقصودة لبعض هؤلاء الناس . وصاحبنا يحرص كل الحرص ألا يظلم أحدا من الناس سواء كان قريبا أو بعيدا . فما العمل ؟؟؟

على أي حال فان الذي يعزي أي مخلوق بشري في هذه الحياة هو أن تصرفاته وأقواله مهما كانت صادقة ومخلصة ويراد بها الخير والصلاح لا بد أن تلابسها بعض السلبيات ، قلّت أو كثرت ، حسب الظروف والأحوال ، والبشر الذين لا يخطئون أبدا هم الذين لا يقولون أو يفعلون شيئا أبدا، وهذا لا ينطبق إلا على الجماد أو الأموات ، وصاحبنا يعتقد انه ليس هناك أي إنسان سويّ يرضى لنفسه أن يكون جمادا أو ميتا وهو حي ، والله قد خلق المخلوق البشري حرّا يختار قراراته وتصرفاته كما يشاء ، وكل ما في الأمر أن عليه أن يكون صادقا ويهدف إلى خير البشرية جمعاء ويتحمّل مسئولية ونتيجة قراراته وتصرفاته دنيا وآخره ولا يرمي بها على غيره ويترك جزاءه عند عدل السماء . هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، فان هذه الفترة التي زامنت هذه المغامرات والتي امتدّت من أوائل القرن العشرين إلى أوائل القرن الحادي والعشرين قد لابستها الكثير من الآراء والأفكار والاجتهادات خصوصا فيما يتعلق بالمنطقة العربية ، التي يسمونها زورا وبهتانا ، منطقة الشرق الأوسط ، ومن الطبيعي أن يكون لصاحبنا أفكاره وآراؤه واجتهاداته في هذا الخصوص ، ربّما تعارضت أو حتى اصطدمت مع أراء واجتهادات الآخرين ، وهنا يحب صاحبنا أن يقرر انه لم يضمر ولن يضمر أيّ حقد أو شر لمن اختلف معهم في الرأي أو الاجتهاد إلا إذا كان هذا المخالف ينطلق من غايات شرّيرة للبشرية جمعاء ، فقد كان صاحبنا ينطلق دائما من ذلك المبدأ المضيء الذي قاله الإمام أبو حنيفة ، على ما يذكر ، طيّب الله ثراه، وهو : < علمنا هذا رأي فمن جاءنا بخير منه قبلناه > ، والآخر الذي يقول: < رأينا صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب > . والذي يحزّ في النفس ويؤلمها ويدميها أن الكثير من الناس في منطقتنا العربية أصبحت لا تطيق الرأي الآخر ، بل هو القتل والتعذيب والتشريد ، الآتي خصوصا من حكامنا وقادتنا ومن يدورون حولهم من منافقين ومتسلّقين وغوغاء ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

عبدالله شرف الدين
القاهرة في صيف 2005